مقال (رأي حُرُّ في فتنة سوريا وغيرها) للشيخ الجامية سعد بن عبدالرحمن الحصين

الخلاصة:
———
1. حافظ الأسد ولي أمر

2. مقرر العقيدة في المعاهد الحكومية الدينية الذي أُلف في عهد حافظ الأسد خير من مقررات العقيدة في جميع المدارس الدينية الخاصة ، ومن بينها مدارس حزب الإخوان المبتدع.

3. منع اللحى والحجاب ومجزرة حماة مجرد إشاعات يروج لها الإخوان المسلمون.

4. الشعوب الثائرة في وجه الطغيان حزبيون وحركيون غوغائيون مخالفون لشرع الله ومفسدون في الأرض لأن شرع الله ينهى عن منازعة من ولاه الله الأمر!!

5. احتجاجات حماة وتدمر ضد حافظ الأسد كانت فتنة بين الراعي وعدد من أفراد رعيته ، وقام الراعي بما يمليه العقل ويُقرّه الشرع : مقاومة الفتنة إلى حدّ قتل الباغي أو سجنه أو تعزيره.

6. ثورة الشعب السوري على النصيري بشار فتنة شاركتْ فيها الأمم المتحدة وأمريكا وأوروبا وغيرها بحجة أن الراعي يقتل رعيّته ، وفق مبالغات وسائل الإعلام وتقارير الثوار ، وبحجة رفع الظلم عن الثائرين فيما يُسمّى : الشرعيّة الدوليّة وهذا مخالف لشريعة الله في آية الحرابة وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : ” من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد ، يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه ” . رواه مسلم

7. النصيرية ليسوا كفارا أصليين كما يزعم المنتسبون إلى السنة، ولا يجوز تحكيم كلام ابن تيمية رحمه الله عن أُمّة خَلَت قبل عصره على مُعيّن بعد موته بسبعمائة سنة.

المقال ويليه رده على الشيخ صالح اللحيدان:
————————————

رأي حُرُّ في فتنة سوريا وغيرها

سعد بن عبدالرحمن الحصين

أكثر الآراء مقيّدة بالتقليد ، وبالنقل عن وسائل الإعلام الفاسقة ، وبالعاطفة ( أي الهوى ) مع فئة أو ضدّ فئة ، ويجمع الثلاثة البعد عن التثبّت الذي أمر الله به كل مؤمن : ( ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا ) وفي قراءة مشهورة : ( فتثبتوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) ، ويجمع الثلاثة غياب العدل الذي أمر الله به المؤمنين في معاملة أعدائهم الذين صدّوهم عن المسجد الحرام : ( ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدّوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا ) ، (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) .
ولأنّ الله هيّأ لي ما لم يهيّئه للأكثيرين فأقمتُ في بلاد الشام أكثر من عشرين سنة في خدمة الدعوة على منهاج النبوة التي تبثها دولة التوحيد والسنة في أنحاء المعمورة ، وما يتبع ذلك من تقديم الغذاء والكساء والكتب الدينية المطبوعة محليّاً أو المقدم عَيّنات منها لمدير مكتب الحدود ، وبناء المساجد ونحو ذلك .
ومع أنّي ابتُليتُ بما لم يُبتل به الأكثرون من المضايقات الأمنيّة ، فلا أختار لنفسي إلا ما اختاره الله لي من قول الحق والعدل ولو خالفه الأكثرون :
أ – سبق هذه الفتنة فتنة أخرى قبل ( 30 ) سنة ، لو نعتبر :
1 – بدأت الفتنة بمظاهرة في حماة احتجاجاً على حذف ثلاث كلمات تُقرر أن : ( الإسلام دين الدولة ) من الدستور الجديد .
وقد وفّق الشيخ مُلاّ إسماعيل – رحمه الله – ( شيخ حمدي السلفي وفقه الله) في إيجاز القصة بقوله : ( أخطأ المتظاهرون لتمسّكهم بهذه الجملة لأنهم يعلمون أن الإسلام لم يكن دين الدولة منذ الحكم العثماني وبخاصة في الاعتقاد الأعظم أمور دين الإسلام ، وأخطأت الدولة لحذفها ثلاث كلمات كان الأولى إثباتها درءً للفتنة .
2 – وفرّق رجال الأمن المظاهرة كالعادة ، وكالعادة ردّ المتظاهرون بالعنف فحاولوا تفجير مركز للجيش في الأزبكيّة من دمشق ، ولعله أول تفجير انتحاري ، ولما وَجَد سائق سيارة المتفجرات عوائق اسمنتيّة تحول بينه بين الدخول بسيارته إلى المركز اضطرب وفرّ تاركاً السيارة تنفجر في الشارع فقتل عشرات من المارّة .
3 – وتطور التظاهر إلى عصيان مسلّح وكانت الغلبة لسلاح الدولة فهرب قادة العصيان إلى البعث العراقي ، وانتهت أحلام اليقظة بعد أن سُمِّي وزراء الدولة الجديدة التي ماتت قبل أن تولد ، ولعلّ الله اختار الخير فإن أخطاءها محسوبة ظلماً على الدين ، أما الدولة الحاكمة فأخطاؤها محسوبة على العروبة والاشتراكية ، ولن قبل منها صرف ولا عدل ، ولم تتأثر مناهج التعليم الدينية بالعروبة ولا بالاشتراكية بل إن مقرر العقيدة في المعاهد الحكومية الدينية الذي أُلف في عهد حافظ الأسد خيرُ من مقررات العقيدة في جميع المدارس الدينية الخاصة ، ومن بينها مدارس حزب الإخوان المبتدع ، وخير من المقرر في معهد أبو النور لمشيخة الطريقة النقشبندية من تأليف عبد المجيد الزنداني تجاوز الله عنه .
وقد ألّف المقرر الحكومي : البُغا والخنّ وقلعجي ، وخيرهم : علي الشوربجي .
4 – تراوحت الاحصائيات عن عدد القتلى في حماة نتيجة لهذه الفتنة بين ( 000/20 ) كما ذكرت مجلة المجتمع الإخوانية في الكويت و ( 000/30 ) كما ذكر أمين الندوة العالمية للشباب الإسلامي الإخوانية في الرياض و (000 /70 ) كما ذكر الشيخ محمود الإستنبولي من سوريا رحمه الله .
ثم ظهر تقرير تحالُف الثوار ( إخوان وقوميين عرب وبعثيين عراقيين وسائر الخارجين على الدولة على اختلاف انتماءاتهم بين إسلامي وعلماني ) بعنوان : ( حماة مأساة العصر ) فعدوا نحو ( 000/3 ) .
ومع أن أقل تقدير باسم الثوار فلا يزالون هم وغيرهم يكيلون بالألوف وعشرات الألوف ولا ذكر للأرقام بين ( 1 ) و( 999 ) فهي لا تصلح للإثارة ولا لجمع التبرعات ، أما آيات التثبت والعدل والوزن بالقسطاس المستقيم فالغالب أنها تُقرأ للحفظ لا للتدبر ولا للعمل ، نستغفر الله ونعوذ به من أن نَظلِم أو نُظلَم .
5 – وانتشرت الشائعات بمنع اللحى والحجاب ومحو ( حماة ) من وجه الأرض ؛ فذهبتُ فور توقف القتال وشاء الله أن يكون جاري في الصلاة ضابط مُلتح وعرفتُ لأول مرة أن الجيش السوري لا يمنع الإلتحاء بين أفراده خلافاً لكثير من الدول العربية والمسلمة ولم أر حجاباً ( بعد السعودية ) أكثر منه في سوريا ، وزرتُ حماة مع بعض إخواني في الدين والنسب أكثر من مرة ، وفي إحدى المرات اصطحبنا وعد باطلاعنا على الدمار فلم نره في بيت واحد ، ولم يزل أمين الندوة العالمية الإخوانية حتى مات رحمه الله يؤكد محو ( حماة ) من وجه الأرض ، بل ردد هذه الشائعة قبل أشهر كبير القضاة ( في بلد مسلم ) ، مع أنه لم يُبتل باتباع المناهج الحركية الحزبية المبتدعة ولكنه لم يسلم من اتباع دعاياتها المضلة ، وردد كبير القضاة فرية قتل عشرات الألوف ، والحقيقة أن الأُذن قد تَحلّ محل العقل في هذا العصر إلا لمن رحمه الله ؛ فكيف إذا حلت محل الخلق الشرعي !؟ .
بـ – وجاءت الفتنة الحاضرة ، ورأيتُ فيها أنها :
1 – بدأت تقليداً للفتن المتتابعة التي كانت شرارتها الأولى إحراق تونسي نفسه سخطاً على تقدير الله رزقه عافانا الله مما ابتلاه به ، واغتنمها الحزبيون والحركيون الغوغائيون في عدد من بلاد العرب مخالفة لشرع الله وإفساداً في الأرض .
فشرع الله ينهى عن منازعة من ولاه الله الأمر إلا أهل الحل والعقد إذا رأوا كفراً بواحاً معهم عليه من الله برهان : آية محكمة أو حديث صحيح بفهم فقهاء الأمة في القرون الخيرة ، وقال الله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) .
والفساد في الأرض يلازم المظاهرات والاعتصامات والثورات والاضرابات منذ بدايتها حتى نهايتها ، ينقص الأمن والأنفس والمعايش ، والخدمات التي توفرها الدولة غالباً مهما كان حالها .
2 – في الفتنة الأولى بقي النزاع بين الراعي وعدد من أفراد رعيته ، وقام الراعي بما يمليه العقل ويُقرّه الشرع : مقاومة الفتنة إلى حدّ قتل الباغي أو سجنه أو تعزيره ، وقال الله تعالى : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ) .
ولأن السلفيين يُحَكّمون ما أنزل الله فلم يَخرجوا ولم يفسدوا ولم يَقتلوا ، وعلى هذا لم يُقتل منهم أحد ولم يُسجن منهم إلا الشيخ محمد عيد العباسي ووكد لي بعد خروجه من السجن أنه خرج عن منهاج السنة فأعطى قريباً له مالاً طُبع به ديوان لمروان حديد من حزب الإخوان ، لا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر ، بل يثير الفتنة بين الراعي والرعية كعادة الحزب المفسد ، وفهمتْ منه أنه اشتُرى ببعض المال سلاح لقتال ولاة الأمر .
وفي الفتنة الأخيرة شاركتْ الأمم المتحدة وأمريكا وأوروبا وغيرها في الفساد بحجة أن الراعي يقتل رعيّته ، وفق مبالغات وسائل الإعلام وتقارير الثوار ، وبحجة رفع الظلم عن الثائرين فيما يُسمّى : الشرعيّة الدوليّة ؛ أما شريعة الله في آية الحرابة وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : ” من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد ، يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه ” . رواه مسلم ؛ فتبقى في الكتاب والسنة إلى أن تكون معنا .
جـ / يحتج المنتمون إلى السنة بأن رأس الدولة ينتمي إلى طائفة قال عنها ابن تيمية – رحمه الله – أكفر من اليهود والنصارى :
1 – هل يجوز تحكيم كلام ابن تيمية رحمه الله عن أُمّة خَلَت قبل عصره على مُعيّن بعد موته بسبعمائة سنة !!؟
2 – وهل كان المنتمون إلى السنة ( منذ عصره إلى يومنا هذا ) من أهل السنة حقاً ( غير النّادر ) ، وقد نفوه وسجنوه حتى مات رحمه الله لجهره بالتوحيد والسنة ، والأكثرون يقترفون أو يقرون الشرك والابتداع !! .
واليوم ( في كل بلاد الشام المباركة المقدسة ) : أكثر أوثان المقامات والمزارات والمشاهد والأضرحة والأنصاب والأشجار المعتقد فيها والمدعوّ من سُميتْ باسمه هي خاصة بالمنتمين للسنة أو مشتركة بينهم وبين اليهود والنصارى ( كما في المسجد الإبراهيمي بالخليل من أرض فلسطين : (4 ) لليهود والنصارى ، و( 7 ) للمنتمين للسنة ) ، ودعاء غير الله أسوأ ما يُميّز الطوائف الأخرى ، ويجتمع المنتمين للسنة مع المنتمين للشيعة على وثن باسم السيدة زينب ، وسمعتُ بأذني مرة رئيس مؤسسة دينية يطلب من آخر ذبح خروف عند السيدة زينب كفارة ظلمه له !! ؛ ويجتمع المنتمون للسنة مع النصارى على تقديس ثلاثة أوثان باسم الخضر ، جُهّز أحدها بمذبح للقرابين في بلد واحد ، ومع غيرهم أو منفردين على آلاف الأوثان في مختلف بلاد العرب والمسلمين عدا السعودية وبعض دول الخليج .
وأشهد أن الذبح لوثن باسم خالد بن الوليد في حمص لم يتوقف إلا منذ عشرين سنة ، أوقفه وزير للأوقاف في دولة البعث ، وأوفق معه الصلاة على أبوي النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان في أحد مساجد المنتمين للسنة ، ردهم الله إلى دينه الحق ، وهذا لا يعني بالضرورة توقف أصحاب القربان الوثني عن نذرهم لغير الله ، ولكن الوزير رحمه الله عمل ما استطاع فأمر المسئول عن جمعية خيرية باستلام القربان وذبحه في الجمعية باسم الله ، وتقديم لحمه للمحتاجين ، ومن سننه الحسنة أنه أخذ موافقة حافظ الأسد على فتح مراكز الأسد لتحفيظ القرآن في كل مسجد يرغب أهله في ذلك ، وفي حالة نادرة تحول المركز إلى معهد شرعي سلفي ثم ابتُلي بالمبتدعة فأفسدوه !!.
د / تجاوزات موظفي المؤسسات الأمنية قد تكون هي شر ما يسيء إلى علاقة الراعي بالرعية في كل نظام ( وبخاصة النظم الاشتراكية ) ، بل قرأتُ في مذكرات مسئول أمني متقاعد في بريطانيا أن المؤسسة الأمنية وأفرادها يعيشون على الظن ولولاه لما تطورت المؤسسة وكثر موظفوها ، ثم إن الأمنيين تحيط بهم هالة من السرية يأمنون في ظلها المحاسبة الدنيوية ، وقليل منا من يستحضر المحاسبة والمعاقبة الأخروية ! نستغفر الله .
فقد ثاروا على خليفة النبي صلى الله عليه وسلم الثالث عثمان رضي الله عنه وقتلوه ، وعلى الخليفة الرابع ابن عمّ رسول الله فقتلوه ، ولو لم يوجد ناعق الثورة الفرنسية ، ثم الثورات العربية منذ جمال عبد الناصر وعبد الكريم قاسم والسلال والقذافي وصدام والبعث العراقي والسوري ، وثورة الخميني وهي الأقرب إليهم تؤزهم أزّاً ، ولو لم يُحرق التونسي نفسه ؛ لوجدوا قدوة أخرى .
ولقد تسوّر الأمنيون منزلي في سوريا الاشتراكية وفي الأردن الرأسمالية ؛ عرفتُ ذلك من آثار أحذيتهم العسكرية ، ومن أنهم لم ينقصوا المنزل شيئاً من أثاثه ، غير بضعة كتب يعلم الله أني لم أجز نشرها لما فيها من تعد على ولاة الأمر هنا أو هناك ، ومع ذلك لم تأخذني العزة بالإثم بل استمر نهيي عن منازعة ولاة الأمر ولو جاروا ولو ظلموا ، والظلم غالباً يتعلق بصغار الأمنيين وهم من أفراد الشعب ، وقد لا يرضى به كبارهم بدليل أن حافظ الأسد نفى أخاه رفعت ، ونفى ميشيل عفلق لتجاوزهما الحدود في العلاقة بين الراعي والرعية .
وإني لأدعُو لجميع ولاة المسلمين بالهداية والتوفيق ، وأدعو لعامتهم أن يطهر قلوبهم وأعمالهم ومساجدهم من الشرك والبدع والفتن والمعاصي ما ظهر منها وما بطن ، ونحو ذلك مما يُكمل نقص القانتين والخطباء الذين يدعون لهم بالنصر ، ويحرمونهم الدعاء بالهداية وهم في أشد الحاجة إليها .
قال لي عبد الله المطوع ومانع الجهني – رحمهما الله – وهما ممن خدع بالدعاية الإخوانية : لمصلحة مَنْ تنفي قتل عشرات الألوف ومحو حماة عن وجه الأرض ؟ ، قلت : لأن حزبكم وحلفاءه لم يزيدوا في دعواهم عن آحاد الآلاف ، وعادتهم المبالغة ، ولأن حماة موجودة على وجه الأرض ، فلمصلحة الشرع والحق والعدل واتباعاً للآية المحكمة والحديث الصحيح ، ومَنْ رضي فله الرضى ، ومن سخط وهم الأكثرون دعونا لهم بالهداية وبكلمة الحق والعدل في الغضب والرضا .
7 / 5 / 1433 هـ .
سعد الحصين

من : سعد الحصين .
إلى معالي الشيخ / صالح بن محمد اللحيدان – أصلح الله حاله ومآله .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمّا بعد :
فقد أطلعني بعض إخواني في الدين والدعوة على تصريحاتٍ منسوبةٍ إليكم عن أحوال الفتن في بعض الدول العربية ؛ وقد كان علماء السّنّة ( من أمثالكم ) ينهون عن المشاركة في الفتن بقول أو فعل .
ويروى عن الإمام أحمد – رحمه الله – أنه قال : ( الإمساك في الفتنة سُنة ماضية واجب لزومها … ولا تُعنْ على فتنة بيدٍ ولا لسان ، ولكن أكفُفْ يدك ولسانك ) ، طبقات الحنابلة ( 1/58 ) .
وأوْصى الآجري رحمه الله : ( بترك الخوض في الفتنة ؛ فإن الفتنة يفتضح عندها خلق كثير ) ، الشريعة ( 1/393 ) .
وحذّر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – من الخوض في الفتن بقول جامع :
( وممّا ينبغي أن يُعلم أن أسباب هذه الفتن تكون مشتركة ، فَيَرِد على القلوب من الواردات ما يمنعها من معرفة الحقّ وتصوّره ، فضلاً عن إرادته وطلبه ) ، منهاج السنة ( 4/538 ) .
واجه الإمام أحمد – رحمه الله – بـ(نفسه وعلمه واعتقاده ) فنتةً لا يُعْرَف أنها تكرّرت في تاريخ المسلمين ؛ ثلاثة ولاة من ولاة المسلمين ( المأمون ، والمعتصم ( وا معتصماه ) والواثق ) يُقسرون علماء السنة على مخالفة صحيح المعتقد بدعوى خلق القرآن ، ويُقتل بعض العلماء ، ويُسجن ويُجلد بعضهم ، ومنهم الإمام أحمد ، ويُمنعون من تعليم الدين ، ومع كلّ ذلك لا يجيز الإمام أحمد لنفسه ولا لغيره الخروج على أحد منهم ، فكيف بولي الأمر الذي لم يأمر بالمعصية ولم يقتل أو يجلد أو يسجن عليها ؟!
وأسباب فتنة الخروج مختلفة كما في قول ابن تيمية رحمه الله ، ولو كان الدين بينها فليس أهمّها ، ولو كان – جدلاً – فهل يُحَكّم الغوغاء وأكثرهم :﴿ لا يشكرون ﴾ ولا : ﴿ يعلمون ﴾ ، ﴿ وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ﴾ ، وأشهد أنّ أكثر أوثان المقامات والمزارات والمشاهد والأضرحة في البلاد العربية التي تحرّكت فيها الفتن هي للمنتمين للسّنة : ( الرعيّة لا الرّعاة ) سدنتها وعابديها .
ولأني أستبعد صدور ما نُسب إليكم منكم ، لعلمي بما تفضل الله به عليكم من علم وعمل ودعوة إلى ذلك ، وأنكم أحرى الناس بالاستجابة لوصيّة الله لعباده : ﴿ ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ﴾ ، وأنكم ممّن يَرجع إلى الآية والحديث ، والفقه فيهما ممن ثبتت له الخيرية ، لا إلى الجرايد ولا الانترنت ، ولا الفضائيات ، ولو لبست لباس الدين ، مثل : حِرَاء الصوفيّة ، والمجْد الحركيّة الضائعة بين وبين .
لذلك ؛ فإني أرغب في نشر هذه الرّسالة تبرئة لكم وقطعاً لدابر المتقوِّلين عليكم ، إن لم يردني منكم ما يمنع النشر .
وواضح من بعض الكلام المنسوب إليكم أنّه ليس لعامة الناس الخروج على ولي أمرهم ولو ظلم أو فجر ، بل ولو كفر ، وإنما ذلك لأهل الحلّ والعقد القادرين على ( معرفة الحقّ وتصوّره ) كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله آنفاً ؛ ولكن الغوغاء ( ومنهم الحركيّون والحزبيّون الإسلاميّون بزعمهم ) يعصون الله ورسوله وأولي أمرهم بخروجهم عليهم ، ثم هم يستفتون العلماء ليأخذوا من كلامهم ما يوافق أو ما لا يخالف معصيتهم وينذون الباقي .
نصر الله بكم دينه .
سعد الحصين .

أضف تعليق